الأسبوع المصرية

مدير البحوث والتأليف يدعو للنظر ل‮ '‬نصف الكوب المملوء‮'‬
القاديانية تخترق الأزهر بكتاب‮ ‬يبطل الجهاد
مفتي الجمهورية كفٌر مؤسس القاديانية‮.. ‬ومسئولو الأزهر‮ ‬يجادلون

مصطفي سليمان

في سابقة تعد الأولي من نوعها وتؤكد تحولا‮ ‬خطيرا في اتجاهات شيوخ الأزهر الفكرية حصلت '‬الأسبوع‮' ‬علي نسخة من كتاب لأحد القادة الأوائل للقاديانية بعنوان‮: '‬التعاليم الخالدة الموحي بها إلي النبي الكريم محمد صلي الله عليه وسلم‮'‬،‮ '‬محمد علي‮' ‬أحد تلاميذ ميرزا‮ ‬غلام أحمد مؤسس القاديانية،‮ ‬وهي مذهب ديني ظهر في أواخر القرن ‮٩١ ‬في قاديان بالهند،‮ ‬يدعي مؤسسه انه المسيح الموعود الذي بعثه الله من جديد لتخليص العالم من آلامه وشروره ليعلن عام ‮٠٠٩١ ‬النبوة المستقلة،‮ ‬وقال‮: '‬انني صادق كموسي وعيسي وداود ومحمد،‮ ‬وقد عين الانبياء زمن بعثتي وذلك هو عصرنا هذا‮' ‬وانشأ مسجدا جعله قبلة للحج لأتباعه بدلا‮ ‬من الحج إلي مكة وأن النبوة لم تختم بمحمد‮ '‬صلي الله عليه وسلم‮' ‬والمفاجأة أن الكتاب يحتوي علي صورة زنكوغرافية من موافقة مجمع البحوث الاسلامية وهي الجهة المنوط بها فحص الكتب والدراسات والتأكد من مطابقتها للشريعة الاسلامية‮.‬

ليس هذا فحسب‮.. ‬بل ان ادارة الوعظ والارشاد بالأزهر في منطقة وعظ بورسعيد وزعت الكتاب مجانا علي علماء ووعاظ الأزهر لقراءته وهو ما يثير شكوكا حول اختراق القاديانية للأزهر وفرعها‮ '‬الأحمدية‮'.‬
ومما يزيد من الشكوك أيضا ان كتاب‮ '‬التعاليم الخالدة‮' ‬احتوي بين دفتيه سيرة ذاتية للمؤلف تؤكد انتماءه العقائدي والفكري للقاديانية،‮ ‬وكنوع من الترويج للقاديانية داخل الأزهر احتوي الكتاب في آخره علي صفحتين بأرقام التليفونات وعناوين المراسلة عبر البريد الالكتروني والفاكس للحصول علي معلومات ومراجع ومنشورات مجانية عن الاسلام من خلال دار النشر التي تتولي طباعة كتب القاديانية وهي الدار الاسلامية للنشر بالولايات المتحدة الأمريكية الحاضنة الثانية للقاديانية بعد‮ '‬إسرائيل‮'.‬
أما المطبعة التي طبعت الكتاب داخل مصر فهي دار السعادة للطباعة صاحبة امتياز كتب البهائية في مصر‮.‬
وعلي افتراض أن موافقة مجمع البحوث الاسلامية علي الكتاب جاءت من قبيل ان الكتاب ليس به ما‮ ‬يمس العقيدة الاسلامية أو يخالف أهل السنة والجماعة فإن الكتاب تناول قضية '‬الجهاد في الاسلام‮' ‬من منظور مؤسس القاديانية الأول‮ ‬غلام أحمد القادياني المولود عام ‮٩٣٨١ ‬في قرية قاديان وهي إحدي قري مقاطعة‮ '‬البنجاب‮' ‬بالهند وهو مدعي‮ ‬للنبوة وكان يقول إنه هو المسيح وأنكر فريضة الجهاد في الاسلام‮.‬
حين سألنا الشيخ ضياء الدين محمد المسئول عن إدارة البحوث والترجمة بمجمع البحوث،‮ ‬كيف تخرج هذه الموافقة علي طبع وتداول كتاب لأحد تلاميذ مؤسس القاديانية أجابنا قائلا‮: ‬ليس معني أن مؤلف الكتاب ينتمي للأحمدية القاديانية انه كافر أو خرج عن العقيدة نحن لا ننظر لاسم المؤلف‮.. ‬بل ننظر إلي محتوي الكتاب ولا يمكن أن تخرج موافقة الأزهر علي هذا الكتاب إلا إذا كان صحيحا ويوافق السنة والقرآن الكريم‮.‬
ويضيف الشيخ ضياء متسائلا‮: ‬هل الأحمدية كلها كفر؟ ويجيب‮: ‬لا ليس صحيحا نحن لا ننظر إلي النصف الفارغ‮ ‬من الكوب‮.. ‬بل ننظر إلي النصف المملوء‮.. ‬فقد يكون الكتاب سليما من الناحية العقائدية،‮ ‬كما أن الأحمدية ليس جميعها كفرا أو مخالفا‮ ‬للعقيدة،‮ ‬ومما يدل علي اننا في الأزهر ننظر بموضوعية للأمور ووسطية اننا سبق أن رفضنا لنفس المؤلف وهو العلامة محمد علي ترجمة للقرآن الكريم لأننا وجدنا فيها اخطاء ولو تم تصحيح هذه الأخطاء لأجزناها‮.‬
تعليق الشيخ ضياء مدير البحوث والتأليف والترجمة بالأزهر يتناقض مع فتاوي كبار علماء الأزهر قديما وحديثا التي اعتبرت جميع عقائد القاديانية والأحمدية باطلة وخارجة عن الاسلام وآخرها فتوي د‮. ‬علي جمعة مفتي الجمهورية التي تقول إن مؤسس القاديانية وهو‮ ‬غلام أحمد القادياني ادعي انه المهدي وأنه المسيح الموعود،‮ ‬وكان يقول‮: '‬انا المسيح وانا كليم الله وانا محمد وأحمد معا‮'‬،‮ ‬ولذلك كان يدعي انه افضل من جميع الانبياء ومات‮ ‬غلام أحمد في مدينة لاهور،‮ ‬وحينما بدأ القادياني دعوته لم يجاهر بعداوة الاسلام،‮ ‬ولم يصرح بالخروج عليه بل بدأ بمظهر التجديد والتطوير ثم انتقل إلي فكرة المهدوية ثم انتقل إلي ادعاء أنه يوحي إليه لا علي أنه نبي مستقل مرسل‮.. ‬بل علي أنه نبي متابع كهارون بالنسبة لموسي عليهما السلام‮.‬
ويؤكد د‮. ‬علي جمعة في فتواه أخذ مؤسس القاديانية في تأويل نصوص القرآن الكريم تأويلا‮ ‬منحرفا فاسدا لتحقيق مآرب لديه ثم تعاون مع المحتلين وأصدر فتواه الأثيمة بأن الجهاد قد انتهي واصبح منسوخا ولذلك لا يجوز رفع السلاح من المسلمين ضد الانجليز المحتلين للهند بحجة انهم خلفاء الله في الأرض‮.‬
وهو نفس ما جاء في كتاب تلميذه محمد علي الذي وافق عليه الأزهر‮.. ‬ولكن بشكل‮ ‬غير مباشر حين يتعرض الكتاب لفريضة الجهاد مقتبسا آيات الجهاد التي وردت في القرآن الكريم خارج سياقها ليخرج لنا بخلاصة ان الوحي ابلغ‮ ‬النبي محمدا‮ ‬صلي الله عليه وسلم ألا يخرج للقتال ولا يحمل السلاح إلا للدفاع عن النفس وإذا اضطهده العدو بسبب الدين فقط،‮ ‬وانه‮ '‬صلي الله عليه وسلم‮' ‬كان مطالبا ايضا بالتوقف عن القتال إذا عرض العدو السلام،‮ ‬وهو هنا‮ '‬أي المؤلف‮' ‬بانتقاء آيات الجهاد واخراجها من سياقها وأسباب نزولها دون توضيح كما جاء في أمهات كتب التفسير يروج لنفس عقيدة مؤسس القاديانية في نفي فريضة الجهاد ضد المحتل،‮ ‬ولهذا فإن‮ '‬إسرائيل‮' ‬تحتضن القاديانيين وتعتبر اسلامهم اسلاما جديدا،‮ ‬وهو ما‮ ‬غاب عن علماء الأزهر حينما وافقوا علي الكتاب‮.‬
وللجماعة الأحمدية القاديانية التي كان يتزعمها ميرزا محمد علي مؤلف الكتاب مركز كبير في مدينة‮ '‬كبابير‮' ‬بحيفا في‮ '‬إسرائيل‮' ‬حيث تحتفي صحف الكيان الصهيوني بالطائفة الأحمدية القاديانية وتقول عنهم ان هناك تيارات دينية تدعو للسلام والتصالح بين الاديان والتسامح،‮ ‬ومن هذه التيارات الجماعة الاسلامية الأحمدية التي ينتشر أتباعها في‮ '‬إسرائيل‮' ‬ومؤخرا‮ ‬عقد أتباع هذا التيار مؤتمرهم السنوي في‮ '‬إسرائيل‮' ‬لمناقشة مستقبل نشاطهم في المنطقة‮.‬
وقالت صحيفة معاريف‮: ‬ان تلك الطائفة لديها نحو ‮٠٥١ ‬مليونا‮ ‬من الأتباع حول العالم وهم يرون انهم المسلمون الحقيقيون ويحاربون الاسلام السني،‮ ‬أما زعيم الطائفة الأحمدية القاديانية في‮ '‬إسرائيل‮' ‬فهو محمد شريف عودة الذي يسعي وبقوة منذ عدة سنوات لتقريب الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع‮ ‬غزة من معتقدات الطائفة ودفعهم للإيمان بها،‮ ‬ونقلت معاريف عنه القول‮: ‬إن هناك اهتماما كبيرا من قبل الفلسطينيين بالتعرف علي ما يدعو إليه منهج الطائفة الأحمدية رغم حملات المطاردة الشرسة التي نتعرض لها في فلسطين‮.‬
ولمن لا يعرف فإن للقاديانية أو الأحمدية فرعين‮: ‬الفرقة الأولي تعتقد أن‮ ‬غلام أحمد نبي مرسل من الله تعالي،‮ ‬ومسيح موعود‮.‬
والفرقة الثانية تعتبره مجدد القرن الرابع عشر الهجري والمسيح الموعود‮.‬
والفرقة اللاهورية ويتزعمها‮ '‬محمد علي‮' ‬مؤلف الكتاب المذكور وله ايضا مؤلفات عديدة وتحريفات للآيات القرآنية وتأويلات فاسدة وهو يصرح بأن عيسي عليه السلام ابن يوسف النجار‮.‬
وتحرم القاديانية مناكحة المسلمين ومصاهرتهم وقد حظر عليهم مؤسس الطائفة كل ارتباط بالمسلمين قائلا‮: '‬إن المسلمين لبن فاسد ونحن اللبن الطازج‮'.‬
ومن أهم ضلالات مؤسس القاديانية وتلاميذه قوله‮: ‬ان روح المسيح قد حلت فيه،‮ ‬وأن ما يلهمه هو كلام الله كالقرآن الكريم والتوراة والانجيل‮. ‬وان قاديان هي البلدة المقدسة المكني عنها في القرآن بالمسجد الأقصي‮.‬
وان الحج إلي‮ '‬قاديان‮' ‬فريضة وانه قد أوحي إليه بما يربو علي عشرة آلاف آية وان من يكذبه كافر،‮ ‬وان القرآن ومحمدا‮ ‬وسائر الانبياء قبله قد شهدوا له بالنبوة وعينوا زمن بعثته‮.‬
• محاولات سابقة
الاختراق الأخير للقاديانية للأزهر عن طريق كتاب‮ '‬محمد علي‮' ‬احد تلاميذ مؤسس الطائفة لم يكن الأول‮ .. ‬بل كانت هناك محاولة سابقة ولكنها باءت بالفشل حيث حظر الأزهر كتابا لزعيم القاديانية في يوليو ‮٦٠٠٢ ‬يحمل عنوان‮ '‬كارثة الخليج والنظام العالمي الجديد‮' ‬لأنه يروج للمذهب القادياني ويتضمن خطبا صريحة لخليفة مؤسس هذا المذهب تسيء للرسول محمد‮ '‬صلي الله عليه وسلم‮' ‬حيث صرح وقتها الشيخ ماهر حداد مدير ادارة البحوث والترجمة بالأزهر سابقا بأن الكتاب الذي ألفه الخليفة الرابع للمذهب‮ '‬ميرزا طاهر أحمد‮' ‬يروج لأفكار المذهب القادياني،‮ ‬وقد جاء من خارج مصر وطلب مراجعته من أجل النشر‮.‬
وأكد تقرير فحص الكتاب المرفوض الصادر عن المجمع‮ '‬ان مصر تتعرض الآن لحملات مكثفة لمثل هذه الافكار الهدامة التي تهدف إلي زعزعة العقيدة الاسلامية في نفوس المسلمين وادخالهم في دائرة البلبلة وفقدان الهوية‮'.‬
ورغم تحذير تقرير مجمع البحوث الاسلامية من الترويج لهذه الكتب التي تدعو لأفكار وملل باطلة تهدف لزعزعة الايمان الصحيح إلا أن الكتاب الأخير لميرزا محمد علي تلميذ‮ ‬غلام أحمد يؤكد أن القاديانية اخترقت الأزهر ونجحت في ذلك‮.‬
حيث يشير الشيخ ماهر حداد إلي ان مثل هذه الكتب تخالف نصوص القرآن كثيرا‮ ‬،‮ ‬حيث يدعي زعماء القاديانية أو الأحمدية انهم يتلقون الوحي من الله وان الله شرفهم بكلامه،‮ ‬ومن ضمن اقوالهم ان الله بشرهم بالعرب وألهم قادتهم ان تري شعوبهم طريقهم لإصلاح شئونهم وهذا مخالف للإسلام لأنه لا وحي بعد الرسول محمد‮ '‬صلي الله عليه وسلم‮'.‬
ويؤكد الشيخ ماهر حداد انه بعد فتوي الأزهر في الستينيات التي اعتبرت المذهب القادياني باطلا‮ ‬وثورة علي النبوة المحمدية والاسلامية مازال اتباع هذا المذهب هذه الأيام يحاولون أن يعيدوا فتح هذا الأمر ونشر مذهبه‮'.‬